[ لكِ .. أحني حُرُوفي ] من أين أبدأ ؟ بل من أين أدخل ؟ تتدافع حروفي عطشًا وظمأ .. لأن ترتوي من ينبوع حبّكِ ليس هذا وحسب .. دعيني أرجوك أتكلم .. أكتب .. أنقش .. أصوغ دعين أثرثر وأزيد ولا أنقص .. فبالله عليك أيّ قافية بل أي حَرف سَيوفيك حقّك ؟ أمّاه أتساءل.. أيّ طهر أنجبك ؟ أيّ صفاء أنبتك ؟ أيّ حبّ رتبّك ؟ أيّ نور .. أيّ جمال .. بل أيّ صَدفة أخرجتك ؟ أمّاه يا نبع صفاء وينبوع وفاء أمّاه بالله عليك .. أأنت من بناتِ البَشر ؟ أمّاه أتعلمين أيُّ شعور أسوء من بَيت لا تنيرينه ؟ أتعلمين أيّ حال هو .. حينما أستيقظ من دون محيّاك ؟ أتعلمين كيف يعيش إنسان من دُون قلب ؟ أتعلمين .. كيف يَحيى النبات بلا شمس ؟ أم كيف تستمر الحياة بلا ماء ؟ أم كيف ... لا أعلم أمّاه أتعلمين .. أعلم لن تفهميني فلطالما كنت سيء الحرف عاجز الإيجاز يتيم العبارة حينما أريد التحدث عنك ! أمّاه دعيني عبثًا أحاول أن أروي حكايتي وأنا بعيد عنك صغيرك نبتة لم تُسقى كعادتها كلّ صباح بماء قُبلة على رأسكِ , وما عاد يقوى على المسير لأن وقود حُبٍّك ما عاد يرويه . يستيقظ كل صباح على صوت مزعج ما كان يعهده .. يسمّونه المنبه ! يتوجه لجامعته وقيود النوم مازالت تكبّل عيناه .. تحاول تثنيها .. توصدها وهو عبثا يقاوم . يعود لبيته ويجده أظلمَ ممّا كان عليه , فخيوط شمس السماء غابت تاركةً خلفها بقايا من نورها .. تحاول جاهدة أن تصارع فلول الظلام الغاشم .. الذي احتل مكانها لتبكي بشفقٍ أحمر حالها .. تظنّ أنها الأسوأ ولكن هل يا ترى علمت بحال ذلك الصغير ؟ فهو لم يفقد نور السماء وحسب .. بل لم يعد يجد نور الأرض أيضًا ! يدخل البيت .. بجسمٍ كبير يحمل بين جوانبه قلب ما زال صغيرًا يطلب قربك . يقلّب ناظريه .. يمينًا وشمالاً يرتد إليه بصره خاسئًا وهو حسير . يجد مصحفك موضوعًا بجانب مكانك المعتاد , يقترب منه ليجد نظارتك أوّاه .. ليتني كنت نظارتك .. لأنال قليلًا من أجر قراءتك ! يهرب من الواقع راجيًا وجودك .. فيسرع الخطى علّ الخطى تسعفه يفتح باب غرفتك .. يدخلها .. يبحث فيها وهو متعلّق ببقايا أمله فلا يجد غايته , فيواسي نفسه بسجادتك وجلال صلاتك فيضمها وكأنه يعصر قليلًا من ذكرى تداويه . أمّاه عذرًا .. فما يقوى ذلك الصغير على الكتابة فالنوم بدأ يصرعه .. وهدوء بيتك سيّدتي يكاد يقتله . أمّاه لا أعلم حجم شوقي .. فكفري المطلق بفيزياء الحب هو نهجي ولو حاولت التعبّث بضرب طول الأيّام في مقدار حبّي لأصبح الناتج – بحد جنوني – مالا نهاية .. كما يسميه علماء النهايات . أمّاه سأجاريهم وأقول .. إنك بَسط نقاء ومقام حبّ أعجزت العلماء فلا وجود لأصفار الكره البغيضة التي تحول دُون تمام المعادلة . أمّاه أنت دالة صحية رسمتها خط مستقيم لا يقبل سالبَ الحقد ولا البغض ولا يزيغ أيضًا مع تقاطع قط ومع ذلك فإن مجاله هو الكل .. بحق غريب أمركِ ! أمّاه كم أنت أجمل مشتقة تعاملت معها , فاشتقاقك من نبتة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء حاولت جاهد أن أُكَامِلَ نفسي بأسٍّ البر ، وبضرب معامل الحب وقسمة خصالي البغيضة فعجزت أن أصل حتى لقدميك الطاهرتين ! أمّاه دعيني أرجوك .. فأنا سجين ملّ سجّانه فديني الثقيل الذي أحمله على ظهري لا أعلم كيف أدفعه ؟ أمّاه بإختصار .. أنت شيء لا أستطيع وصفه فدعيني سيّدتي وشأني فلكِ .. أحني حروفي
ابنك المُشتاق ..